دور العملات الافتراضية
في تسهيل الجرائم الجنائية
الدكتور
يحيى إبراهيم
دهشان
مدرس القانون الجنائي
كلية الحقوق - جامعة الزقازيق
الملخص:
تعد العملات الافتراضية هي نقود الحاضر
والمستقبل، وتلعب دورًا رئيسيًا في العديد من الجرائم الجنائية، نظرًا لتشعب
استخدامها في جميع نواحي الحياة بحكم اشتمالها على جميع وظائف النقود، وينتج عن
ذلك حدوث العديد من الجرائم الجنائية سواء التقليدية منها، مثل: السرقة، والتزوير،
وغسل الأموال، والنصب؛ أو المستحدثة والتي جرمها المشرع مؤخرا مثل اختراق المحافظ
الإلكترونية، والجرائم المرتبطة بتعدين العملات الافتراضية.
وسنعرض في بحثنا تعريف العملات الافتراضية،
وأنواعها، والتكنولوجيا المستخدمة في انتاجها block chain technology، كما نعرض تقسيم الجرائم المرتبطة بالعملات
الافتراضية والتي تنقسم إلى جرائم تقع على العملات نفسها، وجرائم تقع على المحافظ
الإلكترونية والتي تُستخدم في حفظ وتداول أكواد العملات الافتراضية.
وتكمن أهمية هذا الموضوع في
خطورة ترك العملات الافتراضية بدون تنظيم جنائي. فنظرًا للطبيعة الخاصة لها
والمميزات الكثيرة المرتبطة بها والمتمثلة في صعوبة التتبع وسهولة وسرعة نقل
الأموال، يتم استخدامها في تسهيل معاملات الـ darknet غير القانونية، وكوسيط في العديد من الأعمال
غير المشروعة والتي تشكل جرائم جنائية كتمويل العمليات الإرهابية وتجارة السلاح
والمخدرات وغسل الأموال، ويمكن عن طريق تقنين أوضاع العملات الافتراضية ووضع أسس
وضوابط لها، والتحكم بالجرائم المرتبطة بها، الحد منها وكافحتها.
وتتمحور إشكالية الموضوع حول
إشكالية رئيسة وهي: ما وجه الحماية الجنائية للعملات الافتراضية، والتي بدورها
ينبثق عنها مجموعة من الإشكاليات الفرعية المتمثلة في: مدى قانونية التعامل
بالعملات الافتراضية؟ أيهما أفضل للدول من أجل مكافحة جرائم العملات الافتراضية:
الاعتراف بتلك العملات أم تجريمها؟ وهل يمكن تزييف العملات الافتراضية؟ وما تأثير
العملات الافتراضية على جريمة غسل الأموال؟ وكيف تساهم العملات الافتراضية في
تمويل الإرهاب وتجارة السلاح والمخدرات؟
وخلُصنا إلى عدة نتائج منها:
أن انتشار العملات الافتراضية نتج عنه ظهور العديد من الجرائم الجنائية المستحدثة،
كما أن المحاكم الاقتصادية تختص بنظر جرائم العملات الافتراضية، ويمكن أن تكون
العملات الافتراضية محلا لجرائم الأموال، فتقع جريمة السرقة والنصب عليها.
وعدة توصيات منها: أهمية تقنين
أوضاع العملات الافتراضية، وضرورة التدخل التشريعي لسن عقوبات رادعة للجرائم
المرتبطة بها، استخدام التقنيات الحديثة والتي تستخدم لتتبع حركة العملات
الافتراضية للكشف عن الأنماط المشبوهة منها، وتشديد الرقابة على القطاع المالي
والمصرفي بالدولة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة، وإدخال تكنولوجيا البلوك
تشين إن أمكن.
الكلمات المفتاحية: جرائم العملات الافتراضية، غسل الأموال
الالكتروني، تمويل الإرهاب الالكتروني، البيتكوين، البلوك تشين.
Abstract
Virtual currencies are the money of
the present and the future, and they play a major role in many criminal crimes,
due to their widespread use in all aspects of life by virtue of their inclusion
of all the functions of money, and this results in the occurrence of many
criminal crimes, both traditional ones, such as: theft, forgery, and money
laundering. Money, fraud; Or new ones that have been recently criminalized by
the legislator, such as hacking electronic wallets, and crimes related to
mining virtual currencies.
In our research, we will present the
definition of virtual currencies, their types, and the technology used in their
production, block chain technology. We will also present the division of crimes
associated with virtual currencies, which are divided into crimes that occur
against the currencies themselves, and crimes that occur against electronic
wallets that are used to save and trade virtual currency codes.
The importance of this issue lies in
the danger of leaving virtual currencies without criminal regulation. Due to
its special nature and the many advantages associated with it, namely the
difficulty of tracking and the ease and speed of transferring money, it is used
to facilitate illegal darknet transactions, and as an intermediary in many
illegal actions that constitute criminal crimes, such as financing terrorist
operations, arms and drug trafficking, and money laundering. It can be used
through... Legalizing virtual currencies, establishing foundations and controls
for them, and controlling, reducing and combating the crimes associated with
them.
The problem of the topic revolves
around a main problem, which is: What is the face of criminal protection for
virtual currencies, which in turn gives rise to a group of sub-problems
represented in: The extent of the legality of dealing in virtual currencies?
Which is better for countries to combat virtual currency crimes: recognizing
these currencies or criminalizing them? Can virtual currencies be
counterfeited? What is the impact of virtual currencies on money laundering
crime? How do virtual currencies contribute to financing terrorism, arms and
drug trade?
We concluded several results,
including: The spread of virtual currencies has resulted in the emergence of
many new criminal crimes, and economic courts are specialized in looking into
virtual currency crimes, and virtual currencies can be the subject of money
crimes, so the crime of theft and fraud occurs.
And several recommendations,
including: the importance of legalizing the status of virtual currencies, the
need for legislative intervention to enact deterrent penalties for crimes
related to them, the use of modern technologies that are used to track the
movement of virtual currencies to detect suspicious patterns of them, and
tightening control over the financial and banking sector in the country through
the use of modern technology, and the introduction of technology. Blockchain if
possible
Keywords: virtual currency crimes, electronic money laundering, electronic
terrorist financing, Bitcoin, blockchain.
مقدمة
أولا- موضوع البحث:
تعد العملات الافتراضية هي نقود الحاضر
والمستقبل، وتلعب دورا رئيسيا في العديد من الجرائم الجنائية، نظرًا لتشعب
استخدامها في جميع نواحي الحياة بحكم اشتمالها على جميع وظائف النقود، وينتج عن
ذلك حدوث العديد من الجرائم الجنائية سواء التقليدية منها، مثل: السرقة، والتزوير،
وغسل الأموال، والنصب؛ أو المستحدثة والتي جرمها المشرع مؤخرا مثل اختراق المحافظ
الإلكترونية، والجرائم المرتبطة بتعدين العملات الافتراضية.
ومحور حديثنا هنا يقتصر على الجرائم التي تقع
على العملات الافتراضية نفسها، أو الجرائم التي تستخدم العملات الافتراضية في
ارتكابها وهذا النوع الأكثر انتشارا في المجتمع، حيث أصبحت العملات الافتراضية
بيئة خصبه لتمويل الإرهاب وغسل الأموال، فساعدت تلك العملات على ظهور أشكال جديدة
من السلوك المكون لكلتا الجريمتين، ولذا كان حرى بنا استعراض الصور المستحدث التي
تستخدم فيها العملات الافتراضية في ارتكاب الجرائم الجنائية، وتوضيح موقف التشريع
المصري والتشريعات المقارنة من تجريمها، وعرض العقوبات الخاص بها.
كما نجد أن المحافظ الالكترونية والتي تعد
موطن تخزين وإرسال واستقبال العملات الافتراضية، تمثل قدر من الأهمية في هذا
النطاق، لما قد تساعد به في الكشف عن هوية المرسل أو المستقبل أو إخفاؤها، بجانب
ما قد يقع على تلك المحافظ من عمليات اختراق أو نصب واحتيال.
ثانيا- أهمية البحث:
تكمن أهمية موضع العملات الافتراضية ودورها
في تسهيل الجرائم الجنائية في أن ترك تلك العملات بدون تنظيم جنائي يعد أمرا
خطيرا، نظرًا للطبيعة الخاصة لتلك العملات والمميزات الكثيرة المرتبطة بها
والمتمثلة في صعوبة التتبع وسهولة وسرعة نقل الأموال، مما جعلها بيئة خصبة ووسيط
مالي لارتكاب وتمويل الجرائم الجنائية، وبالفعل يتم استخدامها في تسهيل معاملات
الـ darknet غير القانونية، وكوسيط في
العديد من الأعمال غير المشروعة والتي تشكل جرائم جنائية كتمويل العمليات
الإرهابية وتجارة السلاح والمخدرات وغسل الأموال، ويمكن عن طريق تقنين أوضاع
العملات الافتراضية ووضع أسس وضوابط لها، والتحكم بالجرائم المرتبطة بها، والحد
منها وكافحتها.
وهذه الأهمية الخطيرة للعملات الافتراضية
تحتم على الدول تقنين أوضاعها سواء بالمنع أو الاباحة بضوابط معينة، والاستفادة
بمميزات تلك العملات والأنواع المستقرة والأمنه منها، وتضييق الخناق – بوضع ضوابط
صارمه – على الشركات التي تنتج وتتعامل مع العملات المشبوهة.
ثالثا- أهداف البحث:
نهدف من كتابة هذا البحث عرض صور تسهيل ارتكاب الجرائم الجنائية من
خلال العملات الافتراضية، لكي نلفت أنظار المشرع للأخذ في الاعتبار هذا الشكل
الجديد من السلوكيات الضارة بالمجتمع، لتجريمه ووضع عقوبات رادعه له.
كما نهدف عرض مستحدثات ارتكاب الجرائم الجنائية باستخدام العملات
الافتراضية ودورها في تسهيل ارتكاب جريمة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، واستعراض
التشريعات المختلفة التي تنظم هذا الامر وهل هي كافية لمواجهة هذه الجرائم
المستحدثة أم لا.
رابعا- إشكالية البحث:
تلعب العملات الافتراضية دورا مهما في تسهيل الجرائم الجنائية، وهذه
هي الإشكالية الرئيسة والتي يتفرع منها عدة إشكاليات تتمثل في الآتي:
- ما مدى قانونية التعامل بالعملات
الافتراضية؟
- ما المخاطر المصاحبة لاستخدام العملات
الافتراضية؟
-
هل يمكن تتبع مرتكبي جرائم العملات
الافتراضية؟
- هل يمكن ارتكاب جريمة غسل الأموال بواسطة العملات الافتراضية؟
-
ما الفرق بين العملات الافتراضية والرقمية والمشفرة؟
-
هل المحاكم العادية هي التي تختص بنظر جرائم العملات الافتراضية أم
هناك محاكم متخصصة؟
-
هل الجهات التي تمارس الجانب الجنائي الاجرائي في مصر مستعدة للتعامل
مع جرائم العملات الافتراضية؟
-
هل تقع جريمة السرقة إذا كان محل الجريمة عملات افتراضية؟
-
ما صور جريمة اختراق المحافظ الالكترونية؟
- هل مجرد
اختراق المحفظة الالكترونية والدخول عليها دون إحداث سرقة للمحفظة يعد جريمة معاقب
عليها، أم يشترط حدوث سرقة لأموال المحفظة حتى تقع جريمة الاختراق؟
خامسا- نطاق البحث:
يتمثل نطاق البحث في حدود الدراسة التي يشملها موضوع البحث، ونطاق
موضوعنا هنا يتحدد في نطاق موضوعي ونطاق مكاني. فبالنسبة للنطاق الموضوعي يتمثل في
جرائم العملات الافتراضية، والنطاق المكاني فيتمثل في عدد من الدول العربية وبعض
الدول الأجنبية والتي تناولت العملات الافتراضية بالإباحة أو الحظر.
وهذه هي حدود بحثنا التي سنتحدث خلالها.
سادسا- منهج البحث:
نتبع في بحثنا المنهج التحليلي المقارن، حيث نستخدم المنهج التحليلي
لتجزئة وعرض الإشكاليات البحثية في دراستنا من أجل الوصول إلى تفسير لها وحتى يسهل
عملية دراستها. ونستخدم المنهج المقارن للمقارنة بين الدول والتشريعات المختلفة في
التعامل مع موضوع بحثنا وهو العملات الافتراضية.
سابعا- خطة البحث:
الفصل الأول: مقدمة عن العملات الافتراضية
المبحث الأول:
تعريف العملات الافتراضية وأنواعها
المبحث الثاني:
خصائص العملات الافتراضية
الفصل الثاني: استخدام العملات الافتراضية كجريمة بذاتها
المبحث الأول:
ذاتية جرائم العملات الافتراضية
المبحث الثاني:
تجريم استخدام العملات الافتراضية في القوانين المقارنة
الفصل الثالث: استخدام العملات الافتراضية في تسهيل ارتكاب جرائم
جنائية
المبحث الأول:
تمويل الجرائم الإرهابية بالعملات الافتراضية
المبحث الثاني:
جريمة غسل الأموال باستخدام العملات الافتراضية
0 تعليقات