الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الاحتراف الرياضي


الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الاحتراف الرياضي
 المستشارة الدكتورة/ نورهان سعيد حسين

الملخص:

يحتل التحكيم الرياضي في الوقت الراهن مكاناً بارزاً سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي؛ فالمطلع على واقع التعامل الرياضي، خاصة على الصعيد الدولي يجد أن الأفراد يتجهون أكثر فأكثر وهم بصدد حل منازعتهم إلى التحكيم لما يتميز به من بساطة في الإجراءات وسرعة الفصل في المنازعات.

وتكمن أهمية الموضوع في اتساع نطاق الأنشطة الرياضية وما ترتب عليه من انتشار للعقود التي تنظمها، وبالتالي ظهرت الكثير من النزاعات والخلافات المتعلقة بتلك العقود، واتجه الأطراف إلى التحكيم لحل تلك النزاعات نظرا لصعوبة إجراءات التقاضي الطبيعي بجانب طول أمد النزاعات أمام القضاء مما جعلوا يفضلون الطريق البديل وهو التحكيم. ونهدف من وراء الكتابة في موضوع التحكيم في عقود الاحتراف الرياضي، إلى الوصول لتحديد الطبيعة القانونية لهذا التحكيم، واستعراض الاليه الحالية المتعلقة بحل منازعات تلك العقود وهي التحكيم.

وتوصلنا لعدة نتائج تتمثل في أن المنازعات الرياضية منازعات ذات طبيعة خاصة، وتقوم على عناصر عدة وإذا كان كل من الفقه والقضاء قد اتفقا على أن التحكيم وسيلة بديلة عن القضاء لحل المنازعات التي قد تنشأ بين الأفراد، إلا أنه احتدم الخلاف بينهما حول تحديد طبيعته القانونية. كما توصلنا لتوصيات منها ضرورة توحيد صياغة لعقد الاحتراف الرياضي من خلال الاتحادات الدولية، وتعمم على جميع الاتحادات الوطنية، ويكون أطراف التعاقد ملزمين بها أثناء إبرام العقود، كما نوصي بالتدخل التشريعي الصريح لإقرار حجية واضحة لأحكام التحكيم في منازعات عقود الاحتراف الرياضي، بالإضافة إلى بسن تشريعات تنظم إجراءات وضوابط التحكيم الرياضي، بما يضمن حفظ وصون الحقوق من التلاعب.

الكلمات المفتاحية: التحكيم الرياضي، عقد الاحتراف الرياضي، المنازعات الرياضية.




مقدمة

أولا- موضوع البحث:

يحتل التحكيم الرياضي في الوقت الراهن مكاناً بارزاً سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي؛ فالمطلع على واقع التعامل الرياضي، خاصة على الصعيد الدولي يجد أن الأفراد يتجهون أكثر فأكثر وهم بصدد حل منازعتهم إلى التحكيم لما يتميز به من بساطة في الإجراءات وسرعة الفصل في المنازعات.

وتنشأ عن العلاقات القانونية في نطاق ممارسة الألعاب الرياضية، العديد من النزاعات، وأغلبها ذات طابع مالي. وفي السابق كان اللاعبون يلجؤون إلى القضاء المدني للمطالبة بحقوقهم، تجاه أقرانهم أو تجاه أنديتهم، وكذلك الهيئات الرياضية، سواء تعلق الأمر بحدوث أفعال ضارة، كالإصابات، أو كان النزاع ناشئا بين ناد ولاعب بخصوص عقد احتراف أو غير ذلك.

ومع اصدار الميثاق الأولمبي تم استحداث أجهزة قضائية للنظر في مثل هذه النزاعات، فلم يقتصر ولايتها على النظر في قضايا انضباط اللاعبين والعقوبات التأديبية ومشاكل التحكيم الأخرى، بل تحول الاختصاص من القضاء العادي إلى القضاء الرياضي.

ثانيا- أهمية البحث:

ترجع أهمية موضوع التحكيم في عقود الاحتراف الرياضي لسببين، أولهم اتساع نطاق الأنشطة الرياضية وما ترتب عليه من انتشار للعقود التي تنظمها، وبالتالي ظهرت الكثير من النزاعات والخلافات المتعلقة بتلك العقود، واتجه الأطراف إلى التحكيم لحل تلك النزاعات نظرا لصعوبة إجراءات التقاضي الطبيعي بجانب طول أمد النزاعات أمام القضاء مما جعلوا يفضلون الطريق البديل وهو التحكيم.

وثانيهم أن عقود الاحتراف الرياضي غالبا ما ترتبط بحقوق مالية ضخمة ويترتب على أي نزاع متعلق بتلك العقود، مطالب أحد الأطراف بتعويضات تتناسب مع تلك الاضرار، مما يتطلب الخروج عن القواعد المألوفة في التقاضي الطبيعي واللجوء إلى التحكيم الذي يتفهم الطبيعة الخاصة لتلك العقود، ويطبق ما اتجهت إلى رغبه طرفي التعاقد من ضوابط وشروط وردت في التعاقد، وتحفظ حقوقهم.

ثالثا- أهداف البحث:

نهدف من وراء الكتابة في موضوع التحكيم في عقود الاحتراف الرياضي، إلى الوصول لتحديد الطبيعة القانونية لهذا التحكيم، واستعراض الاليه الحالية المتعلقة بحل منازعات تلك العقود وهي التحكيم، بجانب التطريق إلى الطرق الحديث المتمثلة في التحكيم الالكتروني، مع استعراض هيئات التحكيم المحلية والدولية، وآليه عملها وقوة الأحكام التي تصدر منه.

ما سبق كان ملخص لأهم الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها وإظهارها من خلال كتابتنا بموضوع التحكيم في عقود الاحتراف الرياضي، وللمساهمة في توضيح ما هو مبهم منها، ووضع قواعد جديدة ميسرة في هذا المجال، بجانب توضيح المستحدث في نطاق التحكيم ونطاق العقود الرياضية، وأيضا اصلاح ما هو موجود من ثغرات واكتشاف الإشكاليات المتعلقة بالموضوع وحلها.

رابعا- إشكالية البحث:

يشكل موضوع الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الاحتراف الرياضي العديد من الإشكاليات والتساؤلات، وكانت هي الحافز لاختيارنا هذا الموضوع لدراسته والكتابة به، ونعرض بعضا منها في هذه الجزئية مع محاولة الوصول لحلول وإجابات عنها من خلال صفحات هذه الدراسة، وأهم تلك الإشكاليات وهي:

- ما مبررات اللجوء إلى التحكيم الرياضي ؟

- هل يتمتع التحكيم الرياضي بذاتية من حيث صوره وشروطه؟

- ما هي الطبيعة القانونية للمنازعات الرياضية؟

- هل التحكيم في منازعات الاحتراف الرياضي ذا طبيعة تعاقدية أم طبيعة قضائية أم مختلطة؟

- هل التحكيم في منازعات الاحتراف الرياضي بديل قانوني للمحاكم الوطنية أو الدولية؟



خامسا- منهج البحث:

نعتمد في هذه الدراسة، المنهج التحليلي والتأصيلي والمقارن، حيث نحتاج المنهج التحليلي؛ من أجل شرح الموضوعات المختلفة التي تعالجها هذه الدراسة، مع إيراد العديد من الأمثلة العملية على الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الاحتراف الرياضي؛ ولاستخلاص النتائج التي تترتب على هذا التحليل، كما نستخدم المنهج التأصيلي في رد النقاط التفصيلية إلى أصولها النظرية، فقد رجعنا إلى القواعد العامة عند البحث في طبيعة التحكيم الرياضي، وكذلك رجعنا للقواعد العامة في التحكيم عند ربط البحث في التحكيم بالموضوعات محل الدراسة، والمنهج المقارن أفاد دراستنا حيث ساعدت المقارنة بين التشريعات المختلفة في الوصول إلى نتائج عظيمة.

سادسا- خطة البحث:

سنتحدث في المبحث الأول عن ماهية المنازعات الرياضية، وننتقل للحديث عن الطبيعة القانونية للتحكيم في المنازعات الرياضية في مبحث ثانٍ.




0 تعليقات