جريمة التربح

من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى إستغل الموظف العام أو من فى حكمه - بالمعنى الوارد فى المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففى هذه الجريمة يتمثل إستغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التى يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها فى نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذى يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدى إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقى أو ألا يتمثل فى خطر حقيقى فعلى فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة

كما انه من المقرر أنه لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفى لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة

أركــــان جريمة التربح
اولا - صفة الجانى
يجب أن يكون موظفا عاما أو من فى حكمه وفقا لما بينته المادة 119مكررا من قانون العقوبات.. ويشترط اختصاصه بالعمل الذى يهدف من ورائه إلى تحقيق الربح .. ولا يشترط أن يكون الجانى مختصا وحده بالعمل الذى تربح منه .. بل يكفى أن يكون له قدر من الاختصاص ولو كان ضئيلا .. ولا عبرة بطبيعة العمل الذى يباشره .. فقد يكون فنيا أو إداريا أو كتابيا ؛ تنفيذيا أو إشرافيا أو استشاريا .. ويستوى أن يكون اختصاص الجانى متعلقا بمرحلة الإعداد أو التحضير للعمل ؛ أو بمرحلة التنفيذ أو بمرحلة إصدار القرار أو الطعن فيه..

ثانيا - الموضوع المادى للسلوك
هو الربح أو الفائدة التي يحصل أو يحاول الحصول علىها الموظف العام سواء له أو لغيره.. وهي تشمل كافة صور المصالح والمنافع الشخصية.. فلا يشترط أن يكون محل الجريمة فائدة مالية ؛ بل يكفى الفائدة الأدبية أو المصالح أيا كانت طبيعتها.. ولا عبرة بقيمتها او اهميتها.. وقد تكون حالة أو مستقبله أو معلقة على شرط .. ويستوى أن يكون الجانى هو المستفيد الوحيد من الربح أو الفائدة ؛ وقد يشترك معه غيره من الموظفين أو غيرهم.. كما لا يشترط أن تتعارض الفائدة أو الربح مع مصالح الإدارة.. فالمشرع يهدف إلى امتناع الجمع بين المصلحة العامة والخاصة فى العمل الواحد .. ولا يتطلب المشرع صلة ما بين الجانى والمستفيد..

ثالثا - الركن المادى
يتحقق بكل سلوك يصدر عن الجانى ويحصل من خلاله أو يحاول أن يحصل على ربح أو منفعة له أو لغيره.. ولم يتطلب المشرع تحقق النتيجة وهى الحصول على ربح أو منفعة.. فقد اكتفى لتوافر الركن المادى بالسلوك الذى يحاول من خلاله الجانى أن يحصل على الربح أو المنفعة ؛ بمعنى أنه لا يشترط فى السلوك أن يصل إلى مرحلة البدء فى التنفيذ الذى يتحقق معه وصف الشروع ..فإذا وقف نشاط الجانى عند حد المحاولة كانت الجريمة تامة إذا توافرت العناصر الأخرى.. ولا يشترط سلوك إيجابى لتوافر الركن المادى للجريمة محل البحث.. فقد تقع بطريق الامتناع .. والسلوك الذى يتطلبه الركن المادى فى الجريمة قد يصدر من الجانى مباشرة سواء وحده أو بالاشتراك مع غيره ..

رابعا - الركن المعنوى
جريمة التربح عمدية ؛ لا تتكامل إلا بتوافر الركن المعنوى الذى يتخذ صورة القصد العام .. فيجب أن يتوافر لدى الجانى العلم بالعناصر القانونية للجريمة وأن تتجه إرادته إلى مباشرة العمل للحصول على ربح أو منفعة له أو لغيره..؛ فعلم الجاني يجب أن يشمل طبيعة العمل الذى يتربح منه الموظف ؛ وأنه يدخل فى اختصاصه.. كما يتطلب القصد الخاص إتجاه إرادة المتهم إلى الحصول على ربح أو منفعة، سواء لنفسه أو غيره، ولا عبره بأن هذا الربح لم يتحقق. فإذا لم تتجه إراداته إلى ذلك فلا يتوافر القصد، ولو ثبت إتجاه إرادته إلى الإضرار بمصلحة الدولة .

علم الموظف بعدم مشروعية فعل التربح الذى قام به
يتطلب القصد العام علم الجاني بأنه موظف، وأنه مختص بالعمل الوظيفي الذى اقحم عليه المصلحة الخاصة لنفسه أو لغيره، وعلمه أن من شأن فعله تحقيق ربع أو منفعة، وعلمه - في حالة تحقيق الربح أو المنفعة لغيره - أن ذلك "بدون حق"، وإتجاه إرادته إلى إتيان هذا الفعل .