جريمة القتل العمدي

الركـن المادي
القتل وهو فعل الاعتداء علي المجني عليه ... بمعني الإماتة وإزهاق الروح
الركـن المعنوي
القصد الجنائي وهو أرادة ونية القتل
رابطـة السببية
ان يكون فعل الاعتداء سبب وفاة المجني عليه

تعليــــــــــــــق
ارتكاب القتل مع جريمة أخرى
اعتبر الشارع اتصال جناية القتل العمد بجريمة أخرى ظرفاً مشدداً للعقوبة ، والسبب فى ذلك أن المجرم الذى يوغل فى إجرامه فلا يقف اعتداؤه عند القتل وحده ، وهو من الكبائر ، بل يمد يده إلى اجتراح سيئة أخرى يضيفها إلى القتل، هذا المجرم لاريب فى خطورته لتغلغله فى الاجرام ، وفضلاً عن ذلك فان تعدد آثار إجرامه ، تزيد فى اضطراب المجتمع وارتياعه ، فلا نزاع فى وجوب تشديد مسئولية المتهم لارتكابه مع القتل جريمة أخرى .
إوتشديد العقاب فى هذه الأحوال جاء استثناء من القاعدة العامة التى وضعها الشارع فى المادتين 32 و33 من قانون العقوبات فبمقتضى المادة الأولى يجب الحكم بالعقوبة المقررة لأشد الجرائم إذا تعددت وكان ارتكابها لغرض واحد، وبمقتضى المادة 33 تتعدد العقوبات المقيدة للحرية ، عند عدم وجود هذه الرابطة بينها إلا ما استثنى بنص المادتين 35 و36 ( الأولى خاصة بالجب والأخيرة بوضع حد أقصى لتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية ) .
والفقرة الثانية من المادة 234 ع تتناول حالتين متميزتين :
1ـ ارتكاب جناية القتل العمد مع جناية أخرى تقع معها فى زمن واحد ولم يستلزم القانون فى هذه الصورة غير اتصال الجنايتين برابطة زمنية .
2ـ ارتباط جناية القتل العمد بجنحة ، واشترط الشارع للتشديد أن تكون الجناية والجنحة بينهما علاقة السبب بالنتيجة .

1ـ ارتكاب جناية القتل العمد مع جناية اخرى
نصت الفقرة الثانية من المادة 234 فى الشق الأول منها على ما يأتى : ( ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ) . فيجب بهذا النص توفر شرطين : أولهما : أن تكون الجريمتان متعاصرتين ، والشرط الثانى أن تكون الجريمة الأخرى التى اتصلت بالقتل العمد جناية أيضاً ، ولم يستلزم القانون غير هذين الشرطين ، وأحدهما مترتب على الآخر ، فالنظر إلى اتصال القتل بالجناية الأخرى قائم على وحدة الزمن فقط فليس بلازم أن تربطهما وحدة الغرض كما إنه ليس بلازم أن تقع جناية القتل قبل الجناية الأخرى أو بعدها فعبارة النص قد سوت بين الحالتين .
وليس شرطاً أن تكون الجناية الأخرى وقعت مباشرة قبل أو عقب القتل ، فالنص خال من هذا القيد ، ويكفى أن تكون بين الجنايتين رابطة زمنية ، بحيث تكون الجنايتان وقعتا فى فترة من الوقت محدودة تبدأ بأحد الفعلين الجنائيين وتنتهى بالآخر وقد حكمت محكمة النقض والإبرام بأن الاقتران المنصوص عليه فى المادة 198/ 2ع ( 234/ 2) بين الجنايتين يفيد المصاحبة الزمنية وليس من الضرورى أن يفرقهما زمن معين . ( نقض 29 /10/ 1934 المجموعة الرسمية س 36 رقم 32 ) .
وقضت أيضاً بأن الشق الأول من المادة 234 ع بنصه على تغليظ العقاب فى جناية القتل العمد إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ، يتناول جميع الأحوال التى يرتكب الجانى فيها علاوة على الفعل المكون لجناية القتل أى فعل آخر مستقل عنه ، ويكون بذاته جناية من أى نوع كان ترتبط مع القتل برابطة الزمنية ، ولو كان لم يقع فى ذات الوقت الذى وقع فيه الآخر ، وذلك مهما كان الغرض من كل منهما أو الباعث على مقارفته ، إذ العبرة فى ذلك ليست إلا بتعدد الأفعال وتمييزها بعضها عن بعض بالقدر الذى يكون به كل منهما جناية مستقلة ، وبوقوعهما فى وقت واحد أو فى فترة من الزمن قصيرة بحيث يصح القول بأنهما لتقارب الأوقات التى وقعت فيها مرتبط بعضها ببعض من جهة الظرف الزمنى ( نقض 19 مارس سنة 1945 فى القضية 680سنة 15 القضائية ) .
وليس بلازم أيضاً أن يتحد مكان وقوع الجنايتين ، فقد يقع القتل فى مكان غير مكان وقوع الجناية الأخرى ، فما دامت الجنايتان متتابعتين تربطهما رابطة الزمن ووحدته فالنص واجب التطبيق .
ولكن يشترط أن يكون الفعل الثانى المتصل بالقتل جناية ، ولا يهم أن تكون جناية من نوع معين ، فقد تكون الجناية الأخرى من نوع الجناية الأولى أى قتلاً، أو شروعا فى قتل . ويلاحظ أن المادة 234 فقرة ثانية جعلت القتل هو الجريمة الأساسية أو الأصيلة فاذا وقعت تامه عوقب الجانى بالعقوبة التى فرضها الشارع فى تلك الفقرة ، وهى الاعدام حتى ولو كانت الجناية الأخرى التبعية شروعاً ، لأن الشارع جعلها ظرفاً مشدداً للقتل فقط ، وإذا كانت الجناية الأصلية شروعاً فى قتل وجب فى هذه الحالة تطبيق المادة 46ع .
ويجب أن تكون كل من الجنايتين بفعل مستقل ، ولو وقعتا من جان واحد ، فاذا كان الفعل المادى واحداً تعددت نتائجه فلا تنطبق الفقرة الثانية المذكورة ، كاطلاق عيار نارى واحد يصيب شخصين ويقتلهما ، فهذه صورة من صور التعدد المعنوى الذى بين الشارع حكمه فى المادة 32/ 1ع . أما الفقرة الثانية من المادة 234 ع فقد شددت العقاب فى جناية القتل العمد إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ، وتناولت جميع الأحوال - كما تقول محكمة النقض - التى يرتكب فيها الجانى علاوة على القتل أى فعل آخر مستقل ومتميز عنه ، ويكون فى ذاته جناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمن حتى لو كان هذان الفعلان قد ارتكبا أثناء مشاجرة واحدة أو لغرض واحد أو بناء على تصميم جنائى واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة ، إذ العبرة بتعدد الفعلين وبتمييز أحدهما عن الآخر بالقدر الذى يكون به كل منهما جناية مستقلة ( نقض 30/ 10/ 1939 المجموعة الرسمية س 1941 رقم 94) .
ولتقدير مسئولية الجانى أو الجناة يجب أن يكون استقلال كل من القتل والجناية الأخرى تاما ، فلا تشترك الجناية الأخرى مع القتل فى عنصر من عناصره أو ظرف من ظروفه ، مثال ذلك القتل الواقع من أحد اللصوص المسلحين على حارس مخزن ، بعد أن ارتكبوا أيضاً جناية سرقة من ذلك المخزن ليلاً ، هذه الواقعة تضم جنايتين مستقلتين : الأولى جناية القتل العمد ، والثانية جناية السرقة ليلاً من أكثر من شخصين يحملون سلاحاً ( م316) وتعتبر جناية السرقة ظرفاً مشدداً للقتل يوجب تطبيق المادة 234 فقرة ثانية من قانون العقوبات ، لأن مقومات جناية السرقة وعناصرها غير متداخلة ولا مشتركة مع عناصر القتل ، أما إذا كان الجانى شخصاً واحداً يحمل سلاحاً ، وقتل الحارس للتمكن من السرقة ، أو للفرار بما سرق فقتل المجنى عليه فى هذه الظروف يؤثر فى جريمة السرقة فتوصف قانوناً بأنها سرقة بالاكراه ، ولكن ظرف الاكراه المشدد للسرقة هو فعل القتل نفسه ، وبهذا النظر تكون جناية القتل مشتركة مع جناية السرقة فى الظرف المشدد ، أو بعبارة أخرى يكون الفعل المادى فى جناية القتل ، هو الظرف المشدد فى جناية السرقة بالاكراه ، وإنه وإن جاز تكييف كل من الفعلين بوصف الجناية ، إلا أنه عند توقيع العقاب يجب الفصل بينهما واعتبار السرقة مجردة عن ظرف الاكراه ، ويكون الجانى مستحق لعقوبة الجناية المرتبطة بالجنحة طبقاً لنص المادة 234 فقرة ثالثة ، وهذا الحل هو الذى يستقيم مع غرض الشارع من أن يكون مع القتل فعل آخر مستقل يوصف بذاته بأنه جناية ، وهو أيضاً ما يتفق مع العدالة فلا يحاسب الجانى عن فعل القتل مرتين ، مرة باعتباره جناية ، ومرة باعتبار هذا الفعل بنفسه ظرفاً مشدداً لجناية أخرى . وقد كانت محكمة النقض والإبرام تعتبر هذه الحالة مما يدخل تحت نص الفقرة الثانية ولكنها فى سنة 1942 أصدرت حكماً هاماً أقرت فيه وجوب التمييز بين كــل من الفعلين عند تقدير المــسئولية فقالت " أنه إذا كانت الواقعة التى أثبتها الحكم المطعون فيه يصح قانوناً وصفها بأنها جناية سرقة باكراه ، ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير القتل ، فكل من جنايتى القتل والسرقة بالاكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر ، ولكن إذا نظر إليهما معا يبين أن هناك عاملا مشتركا بينهما ، هو فعل الاعتداء الذى وقع على المجنى عليه ، فانه يكون جريمة القتل ، ويكون فى الوقت ذاته ركن الإكراه فى السرقة ، والقانون عندما غلظ العقوبة فى الفقرة الثانية من المادة 234 ع أراد بداهة أن تكون الجناية الأخرى مكونة من فعل مستقل متميز عن فعل القتل وأن لا تكون مشتركة مع القتل فى أى عنصر من عناصرها ، ولا أى ظرف من ظروفها التى يعتبرها القانون عاملا مشدداً للعقاب ، فإذا كان القانون لم يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد ، وجب فى مقام توقيع العقاب على المتهم أن ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف ، ووجب على المحكمة أن تطبق الفقرة الثالثة من المادة 234 لأن السرقة إذا جردت من الإكراه صارت جنحة . ( نقض 23/ 11/ 1942 المجموعة الرسمية س43 رقم 98 ) وظاهر من هذا الحكم أن اعتبار جريمة السرقة جناية من حيث وصفها صحيح قانوناً ، غير أنه عند تقدير المسئولية وتوقيع العقوبة يجب أن تنظر المحكمة إلى السرقة وهى الجريمة التبعية ، نظرة مستقلة وتستبعد منها هذا العنصر المشترك .
ومما يتفرع على هذه القاعدة أنه إذا كان الإكراه فى السرقة وقع على أكثر من شخص واحد فى سبيل سلب أموالهم وأن الجانى قتل أو شرع فى قتل أحد المجنى عليهم وضرب غيره فمع استبعاد عنصر الاكراه فى الجريمتين وهو فعل القتل أو الشروع فيه ، تظل مع ذلك جريمة السرقة جناية بالنظر إلى امتداد الإكراه إلى غير من قتل أو شرع فى قتله ويجب تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 .
وجناية القتل هى الجناية الأصلية عند تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات ، وما الجناية الأخرى إلا ظرف مشدد للقتل ولعقوبته ، هذا عند النظر إليهما معاً وقيام القتل إلى جانب الجناية الأخرى ، ولكن إذا حفظت جناية القتل لعدم قيام الدليل عليها أو لوقوعها دفاعاً عن النفس أو المال ، أو قضى فيها بالبراءة ، فعند ذلك تصبح الجناية الأخرى جريمة قائمة بذاتها بعد أن كانت ظرفاً مشدداً للقتل ، ويسأل المتهم عن تلك الجناية الأخرى كما إذا كان قد ارتكبها منفردة .
ولا يمنع من تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 ع ، حصول القتل مع سبق الإصرار أو الترصد ، لأنه ليس هناك ما يحول دون وجود ظرفين مشددين فى وقت واحد ، أحدهما اقتران القتل بظرف سبق الاصرار، والآخر اقتران القتل بجناية أخرى أو ارتباطه بجنحة .
إنما الذى يمتنع قانونا هو توقيع عقوبتين على أساس أن المتهم ارتكب القتل بسبق الإصرار وارتكب معه جناية أخرى غير مرتبطة به ، لا يصح ذلك لأن مجرد اقتران القتل بالجناية الأخرى يقتضى توقيع عقوبة واحدة على مقتضى الظرف المشدد المنصوص عليه فى المادة 234/ 2 ، وعلى ذلك فاذا وقعت من المتهم جريمة قتل مع سبق الاصرار والترصد وتلتها جريمة قتل أخرى من غير سبق اصرار ولا ترصد فمن الخطأ فى تطبيق القانون توقيع عقوبة عن كل واقعة من الواقعتين ( نقض 9/ 1/ 1939 مجموعة القواعد القانونية جزء 4 رقم 326 ) .
ويلاحظ أن المحكمة إذا رأت أن القتل والجريمة الأخرى قد وقعا لغرض واحد وطبقت المادة 32 وعاقبت المتهمين بعقوبة الجريمة الأشد وهى القتل العمد مع سبق الإصرار، فسواء أكانت الجريمة الأخرى جناية أو جنحة فإن ذلك لا يؤثر فى سلامة الحكم ، لأن المحكمة لم توقع عقوبة خاصة على الجريمة الأخرى وإنما وقعتها على القتل مع سبق الإصرار ( نقض 24/ 10/ 1928 المجموعة الرسمية س40 رقم 32 )
على أن الحالة التى يرتكب فيها القتل مع سبق الإصرار مقترنا بجناية أخرى مرتبطا بجنحة هى من الأحوال النادرة الوقوع ، وإذا وقعت ، فإن العقوبة المفروضة لا تختلف ، فالشارع فرض للقتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد عقوبة الإعدام ، كما نص على هذه العقوبة أيضاً فى المادة 234 ع بفقرتيها الأخيرتين ، فالخلاف فى التكييف القانونى للوقائع ، الذى يدعو اليه اقتصار نص المادة 234 ع على القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد ، هذا الخلاف فى التكييف ؛ تتضاءل أهميته عند النظر إلى العقاب الجائز توقيعه قانوناً .
وعقوبة القتل المتصل بجناية أخرى هى الاعدام فاذا كان شروعاً وجب تطبيق المادة 46 ع مع المادة 234/ 2 .

2ـ ارتباط القتل بجنحة
اعتبر القانون فى الفقرة الثالثة من المادة 234ع ، ارتكاب القتل لتسهيل ارتكاب جنحة ، أو التأهب لفعلها ، أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة ، اعتبر القتل لأحد هذه المقاصد ظرفا مشدداً يستلزم تغليظ العقوبة فتصل إلى الاعدام أو السجن المؤبد على التخيير بينهما .
ولا يكتفى القانون فى هذه الأحوال بالرابطة الزمنية كما فى الفقرة الثانية ، وإنما يستلزم دائماً رابطة السببية ، أى رابطة السبب بالنتيجة ، بأن يكون القتل ، وهو الجناية الأصلية سبباً لنتيجة ، هى ارتكاب الجنحة التبعية ، أو الهرب بعد ارتكابها أو التخلص من العقوبة ، وفعل القتل فى هذه الحالة وإن كان سبباً إلا أنه الفعل الأصيل الذى يتوسل به إلى فعل الجنحة ، ولذلك ليس من الضرورى لتطبيق الفقرة الثالثة حصول القتل والجنحة فى مكان واحد أو زمان واحد ، فالشارع اعتبر الباعث على القتل وأخذ به فى تشديد العقاب ، فقد يقتل الجانى حارس المنزل فى يوم ليرتكب جنحة السرقة فى يوم آخر، ولذلك يجب أن يقوم الدليل على أن الجانى كان غرضه من القتل ارتكاب الجنحة أو الهرب ، فلو أن القتل ارتكب للانتقام والثأر ثم بدا للجانى بعد أن قتل عدوه أن يجرده من نقوده ، لما كانت هناك رابطة بين القتل والسرقة ، أو كما قال جارسون إن السرقة لم تكن هى الباعث الذى حرك يد الجانى للقتل .
وجناية القتل فى هذه الأحوال هى الجناية الأصلية التى يهدف الجانى منها إلى تسهيل ارتكاب الجنحة أو الهرب بعد ارتكابها والتخلص من العقوبة ، فلا تنطبق الفقرة الثالثة إذا كانت الجنحة هى التى مهدت لارتكاب القتل أو اتخذ منها وسيلة لازهاق الروح ، فحمل السلاح وان كان جنحة بذاته ، لا يعتبر ظرفاً مشدداً للقتل اذا وقع بهذا السلاح المحظور حمله ، ذلك بأن القانون يشترط أن يكون الغرض من القتل ارتكاب جنحة ... الخ لا أن يكون الغرض من الجنحة ارتكاب القتل .
ولم يشترط القانون كون الجنحة من نوع معين ، فكل فعل اعتبره الشارع جنحة يعتبر ظرفاً مشدداً للقتل الذى قصد منه إتيان تلك الجنحة أو الهرب بعد ارتكابها ، سواء كانت الجنحة من الجرائم المقصودة أو غير المقصودة ، فمن يرتكب جنحة إصابة خطأ ، ثم يطلق النار على رجل البوليس الذى أراد ضبطه بعد ارتكاب فعلته قصداً للهرب يعاقب طبقاً للمادة 234/ 3ع .
وقد يبدو من ظاهر عبارة الفقرة الثالثة أن مرتكب القتل يجب أن يكون غير مرتكب الجنحة ، ولكن مما لا نزاع فيه أن النص يتناول أيضاً حالة ما إذا وقعت الجناية والجنحة من شخص واحد ، كمرتكب القتل للهرب بنفسه من جنحة سرقة شرع فى ارتكابها أو أتم ارتكابها فعلا ( نقض 22 /4/ 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 204 ) .
وليس من الضرورى أن ترتكب الجناية والجنحة فى مكان وزمان واحد ، فالفقرة الثالثة تطبق إذا ارتكب القتل مستقلا عن الجنحة ، كل منهما فى مكان غير مكان الجريمة الأخرى ، وفى تاريخ غير تاريخها فيعاقب الجانى بالعقوبة المشددة لو أنه ارتكب القتل فى يوم ما ، تمهيداً لجنحة ارتكبها بعد أسبوع مثلا ، وكذلك الجانى الذى ارتكب جنحة وفر ، وبعد أيام صادفه أحد رجال البوليس الذى كلف بضبطه فقتله للهرب بنفسه .
ولكن ما الحكم إذا كان القتل قد ارتكب بقصد تسهيل ارتكاب جناية أخرى أو ارتكابها بالفعل ؟ أو بعباة أخرى ما الحكم إذا كان القتل سبباً لجناية أخرى ؟ فقد رأينا أن الفقرة الثانية لا تشترط إلا رابطة الزمنية ، فلو ان الجانى ارتكب القتل فى يوم 31 يناير مثلا حتى يتمكن من ارتكاب جناية سرقة أو حريق وقعت بعد القتل بعشرة أيام ، فظاهر عبارة الفقرة الثانية لا يتناول هذا الجانى بالتشديد ، ولكن رغم صمت النص ، فلا خلاف بين الشراح فى وجوب تشديد العقاب فى هذه الحالة من باب أولى وإلا لأفضى التفسير الحرفى للنص إلى نتيجة غير معقولة ولا مقبولة ، ذلك بأن من يرتكب القتل تسهيلا لارتكاب جنحة تشدد عقوبته ، دون من يرتكبه تسهيلا لجناية تقع منه بعد ذلك ، مع ان إجرام الأول اخف من إجرام الثانى ، وتكون عقوبة القاتل تأهباً للسرقة البسيطة ، أغلظ من عقوبة القاتل تسهيلا لارتكاب سرقة بإكراه ، وهى نتيجة ينبو عنها المنطق والعقل .
وقد كانت المادة 213 من قانون العقوبات الصادر سنة 1883 تنص على " ارتكاب القتل إذا كان القصد منه التأهب لفعل جناية أو جنحة ... إلخ " فلما عدل قانون العقوبات سنة 1904 حذفت كلمة " جناية " حتى لا يقع الخلط بين أحكام الفقرتين الثانية والثالثة ، وما كان هناك موجب لهذا الحذف ، لتباين الحالتين اللتين تناولتهما الفقرتين الثانية والثالثة تبايناً ظاهراً ، وقد وقع الشارع الفرنسى من قبل فى الخطأ الذى وقع فيه المشرع المصرى ، على أن الرأى مستقر فقهاً وقضاء على وجوب تشديد العقاب .

تعدد الجناة فى القتل المتصل بجريمة أخرى
قد يساهم فى القتل والجريمة الآخرى التى تتصل به أكثر من جان واحد يكون أحدهم فاعلا أصلياً فى القتل وحده أو شريكا فيه ، أو يرتكب أحدهم الجناية الأخرى أو الجنحة وحده ولا يشترك فى القتل ، أو يرتكب واحد من بين عدة جناة جناية القتل والجنابة الأخرى أو الجنحة ويشترك معه غيره فى الجريمتين أو فى إحداهما فقط ، إلى غير ذلك من الصور التى قد تحدث فى العمل ، فإذا حصل ذلك ، قامت الشبهة من جهة تكييف كل فعل من تلك الأفعال ، ومن جهة التطبيق القانونى عند تقدير مسئولية كل واحد من هؤلاء الجناة عما أسند إليه .
ولا تخرج حالة من هذه الأحوال المختلفة عن واحدة من أحوال ثلاث سنذكرها فيما يلى ، ولسهولة ادراك أساس التمييز بين بعض هذه الصور وبعض ، يحسن أن نشير مرة أخرى إلى الحد الذى اعتبره الشارع للتمييز بين الفقرة الثانية من المادة 234ع ، وبين الفقرة الثالثة منها ، وسنذكر النصوص القانونية التى لابد من الرجوع إليها لتقدير المسئولية الجنائية فى أحوال الاشتراك .
أما الفارق الذى يميز بين الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 234 ، فهو أن القانون فى الفقرة الثانية لم يتطلب سوى رابطه الزمنية بين القتل والجناية الأخرى التى تقترن به أو تتقدمه أو تتلوه ، فالشارع افترض حصول القتل، وافترض وقوع فعل آخر معه هو جناية ، اعتبرها ظرفاً مشدداً للقتل ، وعاقب على الفعلين معاً بالاعدام ، وهذا الظرف المشدد نظر إليه الشارع من ناحية مادية . أما فى حالة ارتكاب القتل بقصد ارتكاب جنحة أو تسهيلها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة (م234/3ع) ، فواضح من النص أنه لابد أن يرمى الجانى من وراء القتل لأحد المقاصد الواردة فى القانون ، فالشارع فى هذه الفقرة الأخيرة ، خلافا لسابقتها ، قد نظر إلى الارتباط بين القتل والجنحة من ناحية شخصية قوامها النية والقصد .
أما عن النصوص التى لابد من الرجوع إليها لتقدير المسئولية الجنائية فى أحوال الاشتراك فنذكر فيما يلى نص المادتين 43 و 235 ع :
مادة 43 عقوبات - " من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها ولو كانت غير التي تعمد ارتكابها متي كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التي حصلت " .
فقوله جريمة ، يدخل تحته الجناية والجنحة ، لأن كلا منهما جريمة ، وقوله نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أوالمساعدة ، يشير إلى غرض الشارع من أن الجانى لا يمكن أن يدافع عن نفسه بقوله إنه لم يقصد النتائج التى كان من المحتمل أن يؤدى إليها عمله ؛ فإذا ذهب سارقان زيد وعمرو ليلا ليسرقا من مكان مسكون ، ومعهما سلاح فقاومهما السكان ، فأطلق عليهم زيد النار وقتل أحدهم ، فيجوز للقاضى ولو أن السرقة لا القتل هى المقصودة فى هذه الحالة ، أن يعتبر أن القتل نتيجة محتملة لعملهما معاً ، ويحكم على عمرو من أجل القتل بمقتضى المادة 43ع باعتباره شريكاً فى جناية القتل .
مادة 235 عقوبات - " المشاركون فى القتل العمد الذى يستوجب الحكم على فاعله بالاعدام ، يعاقبون بالاعدام أو بالسجن المؤبد ) .
الأصل أن الشريك يعاقب بالعقوبة المقررة لجريمة الفاعل الأصلى ، فمن اشترك فى جريمة فعلية عقوبتها (م41ع) والمادة 235 هى استثناء من هذه القاعدة العامة ، فقد جعل الشارع عقوبة الشريك فى القتل المعاقب عليه بالاعدام ، هى الاعدام أو السجن المؤبد ، والسبب فى ذلك أن من الشركاء من يكون إجرامه معادلاً لاجرام الفاعل الأصلى فيعاقب بعقوبته ، وهذا هو تقرير للقاعدة الاصلية ، ومن الشركاء من يكون تداخله فى الجريمة ثانوياً ، فيستأهل العقوبة المخففة التالية للاعدام وهى السجن المؤبد .
ويجب أن يلاحظ أن اعتبار جريمة ظرفا مشدداً للقتل ، يستلزم وجود رابطة بينها وبين القتل ، على اختلاف طبيعة هذه الرابطة فى كل من الفقرتين الثانية والثالثة ، ففى الفقرة الثانية يشترط أن تكون الرابطة زمنية ، وفى الفقرة الثالثة هى رابطة السبب بالنتيجة . ولهذا لزم أن يكون بين الجناة المتعددين تفاهم سابق أو علم بالجرائم التى ترتكب مع القتل ، أو أن يتجه قصدهم من القتل إلى ارتكاب جنحة ، فإذا تعدد الجناة وكان فعل كل منهم مستقلا عن الآخر ، سئل كل منهم عن فعله مستقلا عن فعل غيره ، حتى لو وقع القتل مع الجرائم الأخرى فى زمان ومكان واحد ، ذلك بأن الجرائم وإن تعددت فلا تستوجب التشديد فى حالة القتل إلا إذا كان بينها صلة من نوع ما .

الحالات الثلاث لتعدد الجناة فى ارتكاب القتل المتصل بجريمة أخرى
سواء أكانت تلك الجريمة جناية أم كانت جنحة .
الحالة الأولى :
إذا كان الجناة فاعلين أصليين فى كل من القتل والجريمة الأخرى ، جناية أو جنحة ، فيعتبر القتل مستوجباً للعقوبة المشددة طبقاً للفقرة الثانية أو الفقرة الثالثة من المادة 234ع بحسب الأحوال ، متى توفرت رابطة الزمنية بين القتل والجناية الأخرى ، أو متى كان القتل مقصوداً منه ارتكاب جنحة أو تسهيلها إلخ.
مثال ذلك : ذهب أحمد وبكر لقتل عدوهما ، فأطلق كل منهما عليه عياراً نارياً وقتلاه ، ثم أطلقا النار على شاهد كان بمكان الحادث فقتلاه أيضاً ، فظاهر أن كلا منهما قد ارتكب جنايتين اقترنتا ، والقتل الذى أوقعه كل منهما قد لحق به ظرف مشدد يسيغ قانونا تغليظ عقوبة كل منهما على السواء طبقاً للمادة 234/ 2ع ، وإذا كان فعل القتل الأساسى الذى ارتكبه أحدهما وقف عند حد الشروع ، طبقت فى شأنه المادتان 45 و46 ع مع المادة 234/ 2 . أما الجناية الأخرى أو الجنحة التبعية فان وقعت شروعا وصفت كذلك ، ولكن لا عبرة بهذا الوصف فى تقدير المسئولية الجنائية لأن الجريمة الأخرى ظرف مشدد للجناية الأصلية .
الحالة الثانية :
إذا ارتكب أحد الجانين القتل والجريمة الأخرى واشترك معه آخر فى ارتكاب القتل وحده ، أو ارتكب أولهما القتل وحده واشترك معه غيره فيه ، ثم ارتكب الشريك فى القتل الجريمة الأخرى وحده ، هذه الحالة تحتاج إلى بيان صورة أربع على التفصيل التالى :
1ـ الصورة الأولى : إذا ارتكب أحمد مثلا القتل مع جناية أخرى أو جنحة واشترك معه بكر فى الجريمتين ( القتل والجنابة أو الجنحة ) ، فيعاقب أحمد طبقاً للفقرة الثانية أو الثالثة من المادة 234ع بحسب الأحوال ، لأن شروطها متوفرة فى حقه ، كما يعاقب شريكه بكر بمقتضى هذه المادة مع مواد الاشتراك ومنها المادة 235ع ، لأنه اشترك فى القتل المستوجب للحكم بالاعدام فيجوز للمحكمة أن تحكم عليه إما بالاعدام أو بالسجن المؤبد .
2ـ الصورة الثانية : إذا ارتكب أحمد القتل وجناية أخرى ، واشترك معه بكر فى القتل وحده ، فيعاقب أحمد بمقتضى المادة 234/2ع ، وهذا التطبيق لا صعوبه فيه ، أما بكر فحالته تجعو الى التأمل ، فهو قد اشترك فى القتل وحده ، فينظر إذا كانت الجناية الأخرى التى وقعت من أحمد نتيجة محتملة لاشتراكه بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، فيعاقب بكر طبقا للمواد 40 و 43 و 234/2 و 235ع لأن القانون يعتبره مسئولا عن الجناية الأخرى التى وقعت من غيره نتيجة محتملة لاشتراكه فى القتل ( م43) أما إذا لم تكن الجناية الأخرى نتيجة محتملة فلا يسأل إلا عن اشتراكه فى القتل فقط .
ومثال الجناية التى تقع نتيجة محتملة للاشتراك فى القتل ، ما إذا سلم بكر سلاحاً لأحمد ليقتل به زيد فذهب أحمد وأطلق مقذوفاً على زيد فأصابه فى غير مقتل ، ثم عاود أحمد إطلاق عيار آخر على زيد ليقضى عليه ، فلم يصبه فى هذه المرة الثانية بل أصاب خالداً الذى كان ماراً بجوار زيد ، فأحمد شرع فى قتل زيد وخالد ، وكل من الفعلين جناية وتكون جناية الشروع فى قتل خالد نتيجة محتملة لشروع أحمد فى قتل زيد ، وبكر هو شريك بالمساعدة ( تسليم السلاح ) فى الشروع فى قتل زيد وليست الجناية الأخرى ( الشروع فى قتل خالد ) إلا نتيجة محتملة لاشتراكه بالمساعدة مع أحمد (م43) .
أما إذا لم تكن الجناية الأخرى نتيجة محتملة ، كما إذا ذهب أحمد فى المثال المتقدم وقتل زيداً ، وأثناء رجوعه فى الطريق أرتكب جناية سرقة باكراه من شخص ما ، فلا يسأل بكر إلا عن اشتراكه فى القتل فقط ، ويكون أحمد مسئولا عن جناية القتل التى تلتها جناية السرقة بالاكراه (م234/ 2) .
3ـ الصورة الثالثة : إذا ارتكب أحمد القتل تسهيلا لارتكاب جنحة سرقة مثلا فى اليوم التالى واشترك معه بكر فى القتل وحده ، فعقوبة أحمد هى المنصوص عليها فى المادة 234/ 3ع ، أما بكر فيجب عند تقدير مسئوليته أن ينظر إلى ثبوت علمه بالغرض من القتل أو انتفاء هذا العلم ، فإذا علم ، عوقب طبقا للمواد 40و234/ 3 و235ع ، لأن أساس تطبيق الفقرة الثالثة من المادة 234 ، هو وجود رابطة السببية التى مردها إلى القصد من القتل ، فينظر إلى إجرام الفاعل وشريكه من ناحية شخصيه كما مر القول ، أما إذا كان بكر لا يعلم بهذا الغرض ، فيعاقب على اشتراكه فى القتل وحده .
وإذا اشترك بكر فى الجنحة فقط ، فلا محل لتطبيق المادة 234/ 3 إلا إذا كان القتل وقع بعد ذلك نتيجة محتملة لاشتراك بكر بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، فيعتبر قانوناً أنه اشترك فى القتل الذى وقع فعلا طبقاً للمواد 40 و 43 و234/ 3 و235ع .
4 ـ الصورة الرابعة : إذا ارتكب شخص القتل فقط ، واشترك معه آخر فى ارتكابه ، وعلاوة على ذلك ارتكب الشريك جناية أخرى أو جنحة ، فيعاقب الشريك طبقاً للمادة 234/ 2أو3ع ، أما القاتل فتختلف مسئوليته تبعاً لنوع الجريمة الأخرى التى وقعت ، جناية أو جنحة .
مثال ذلك : سلم بكر سلاحا نارياً لأحمد ليقتل به زيد فقتله بهذا السلاح وبعد أن ترك أحمد محل الحادثة ، ارتكب بكر جناية أخرى كسرقة باكراه ، فبكر فى هذا المثال اشترك فى القتل وارتكب جناية السرقة بالاكراه ، فيعاقب طبقاً للمادة 234 فقرة ثانية مع مواد الاشتراك 40 و235ع ، لأنه شريك فى القتل وهو الجريمة الأصلية فى حكم المادة 234/ 2و3 ، أما أحمد فلا يسأل إلا عن القتل فقط إذ أنه لم يرتكب جريمة أخرى وإنما اقتصر فعله على قتل زيد.
ولكن إذا كانت الجريمة الأخرى التى ارتكبها بكر بعد أن ترك أحمد محل الحادثة ، إذا كانت هذه الجريمة جنحة ، وجب التمييز بين حالتين ، فإذا كان أحمد يعلم بقصد بكر من القتل ، وبعبارة أخرى إذا كان القاتل ( أحمد ) يعلم بأن بكراً سيرتكب جنحة السرقة بعد قتل زيد ، فيجب معاقبة أحمد بالمادة 234 فقرة ثالثة ، لأنه ارتكب جناية القتل لتسهيل السرقة التى قارفها زميله بكر . أما إذا كان أحمد لا يعلم بهذا القصد فلا يسأل إلا عن جناية القتل وحدها .
الحالة الثالثة :
إذا ارتكب شخص بوصف كونه فاعلا أصلياً جريمة أخرى غير القتل ، وأتى شريكه فى هذه الجريمة وارتكب القتل ، فالشريك يعاقب طبقا للمادة 234 فقرة ثانية أو ثالثة حسب الأحوال ، أما الفاعل الأصلى للجريمة الأخرى فلا يسأل إلا عنها وحدها .
مثال ذلك : ارتكب بكر جناية سرقة بالاكراه ، واشترك معه أحمد بطريق التحريض والاتفاق ، وانتظره فى مكان بعيد حتى يعود إليه بكر بالمسروقات ، وفى أثناء انتظاره مر أحد رجال الحفظ فقتله أحمد ، فى هذا المثال يكون أحمد قد ارتكب القتل الذى تقدمته جناية أخرى هى اشتراكه فى جناية السرقة بالاكراه ويعاقب بمقتضى المادة 234/2ع . أما بكر فلا يسأل إلا عن جناية السرقة بالاكراه وحدها التى يركز فيها إجرامه .
ولا يتغير الحل إذا كان بكر قد ارتكب جنحة سرقة لا جناية . غير أن الفقرة التى يعاقب أحمد بمقتضاها هى الفقرة الثالثة لا الثانية لأنه ارتكب القتل بقصد تسهيل ارتكاب جنحة السرقة .
ولا يقع فى الإمكان وضع قاعدة عامة تحل هذه المسائل ذات الصور المتعددة ، وكل ما نستطيع تقريره أن التطبيق القانونى السليم لحكم المادة 234 بفقرتيها الثانية والثالثة ، يتأنى من ملاحظة أن الفقرة الثانية لا تستلزم قانوناً سوى حصول جناية أخرى مع القتل ، تجمع بينهما رابطة زمنية ، فالناحية المادية للفعلين هى التى وجه الشارع نظره إليها ، بخلاف الفقرة الثالثة فمردها إلى الناحية الشخصية التى يتمثل فيها قصد الجانى أو الجناة من القتل ، كما يجب التنبه أيضا إلى حكم المادتين 43 ، 235ع وهما خاصتان بحالة الاشتراك ، وفى كافة الأحوال جناية القتل هى الجناية الأصلية والجريمة الأخرى تابعة لها.

عقوبة القتل المقرن بجريمة أخرى:
اعتبر الشارع فى المادة 234/ 2و3 جناية القتل المتصلة بجريمة أخرى ، وحدة إجرامية اقترن فيها القتل بظرف مشدد هو وقوع جريمة اخرى معه ، وعاقب عليها بالاعدام إذا اقترن بجناية أخرى ، وبالاعدام أو السجن المؤبد إذا ارتبط بجنحة . فوحد العقوبة عند اقتران القتل بجريمة أو جرائم أخرى بينها وبين القتل اتصال وذلك استثناء من القاعدة المقررة فى المادة 32/2ع .
بيان الواقعة فى الحكم :
حكمت محكمة النقض بأنه لتطبيق المادة 198 /3ع (234 فقرة ثالثة من القانون الحالى ) يجب أن يعنى الحكم ببيان الواقعة بياناً صريحاً يمكن أن يستخلص منه غرض المتهم من ارتكاب جناية القتل ، هل كان للتأهب للسرقة أو لتسهيلها وإن لم تتم ، أو كان لاتمام ارتكابها بالفعل ، أو أن السرقة تمت أو شرع فى ارتكابها وكان القصد من القتل تمكين المتهم من الهرب ، وثبوت القتل لأحد المقاصد المذكورة شرط أساسى لاستحقاق العقوبة المغلظة ، فإذا لم يتوفر هذا الشرط بل وقعت جناية القتل لقصد آخر غير منصوص واقترنت بها أو تلتها جنحة السرقة وليس بين الجريمتين سوى مجرد الارتباط الزمنى فلا تنطبق الفقرة الثالثة المذكورة ( نقض 7 نوفمبر سنة 1932 المجموعة الرسمية سنة 1934 رقم 3 ) .