حماية الملكية الفكرية على الصعيد القضائي والإداري - المنظمــة العالميــة للملكيــة الفكريــة جنيـف


WIPO/ACE/2/8
الأصل  : بالصينية
التاريخ : 10/6/2004
ويبـو
A
المنظمــة العالميــة للملكيــة الفكريــة
جنيـف
اللجنة الاستشارية المعنية بالإنفاذ
الدورة الثانية
جنيف، من 28 إلى 30 يونيه/حزيران 2004
حماية الملكية الفكرية
على الصعيد القضائي والإداري في الصين
من إعداد السيد جيو ليو، نائب المدير العام لقسم حق المؤلف
في الإدارة الوطنية الصينية لحق المؤلف، بيجين
(*)
        ما برحت الحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة لحماية الملكية الفكرية على مدى السنوات. وتُعلِّق الحكومة أهمية كبيرة على نظام حماية الملكية الفكرية من أجل النهوض بالتقدم العلمي والتكنولوجي والازدهار الثقافي والتنمية الاقتصادية، باعتباره نظاماً قادراً على أن يضمن حُسن سير اقتصاد السوق الاشتراكية وشرطاً أساسياً للنهوض بالتبادل والتعاون في مجال الاقتصاد والثقافة والعلوم والتكنولوجيا على الصعيد الدولي. وتَعتَبر الصين حماية الملكية الفكرية جزءاً مهماً من سياسة الإصلاح والانفتاح والجهود المبذولة من أجل تطوير نظام قانوني اشتراكي. ومنذ نهاية السبعينيات، بدأت الصين سن قوانينها ولوائحها بشأن الملكية الفكرية وحرصت في تلك الفترة على الإسهام بفاعلية في أنشطة المنظمات الدولية المعنية وتعزيز اتصالاتها وتعاونها مع بلدان العالم في مجال الملكية الفكرية. وبالرغم من أن الصين لم تبدأ تطوير نظامها الحديث لحماية الملكية الفكرية إلا في نهاية السبعينيات، فقد شرعت في ذلك بخطى واسعة متوجهة نحو العالم ومستنيرة بمعايير الحماية الدولية. وقد تطور تشريع الملكية الفكرية في الصين بسرعة لا سابق لها، مدفوعاً بسياسة الإصلاح والانفتاح.
أولاً - إقامة نظام قانوني سليم لحماية الملكية الفكرية في الصين
        أحرزت الصين تقدماً ملموساً في حماية الملكية الفكرية، في مضمار الجهود التي تبذلها في مجال الإصلاح والانفتاح. ونظراً إلى الظروف الوطنية، فقد أقامت الصين آلية لتنسيق الحماية القضائية والإدارية للملكية الفكرية، مستمرة، في الوقت ذاته، في تطوير قوانينها ولوائحها بشأن مختلف جوانب الملكية الفكرية وتحسينها وفقاً للاتجاهات الدولية. وقد أنتج ذلك نظاماً قانونياً لحماية الملكية الفكرية بمواصفات صينية. وقد اعتمدت الصين منهج التدريج في مواكبة الممارسات الدولية في مجال حماية الملكية الفكرية، من حيث تغطيتها ودرجة الحماية، وأخذت تساهم في الجهود المشتركة التي تبذلها أوساط الملكية الفكرية الدولية.
        وتحسيناً لوضع حماية الملكية الفكرية في الصين ومواكبة قوانين الملكية الفكرية للقواعد والمعايير الدولية، فقد أقدمت الصين، منذ سنة 2000، على مراجعة مختلف قوانينها ولوائحها، مثل قانون البراءات ولائحته التنفيذية وقانون حق المؤلف ولائحته التنفيذية وقانون العلامات التجارية ولائحته التنفيذية ولائحة الجمارك لحماية الملكية الفكرية ولائحتها التنفيذية ولائحة حماية برامج الحاسوب ولائحة إدارة المنتجات الصناعية البصرية ونظام العقوبات الإدارية بشأن حق المؤلف وتدابير الإنفاذ الإداري للبراءات.
        وقد اعتمدت اللجنة الدائمة لمؤتمر الشعب الوطني التاسع، في دورتها الرابعة والعشرين التي انعقدت في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2001، قرار تعديل قانون حق المؤلف لجمهورية الصين الشعبية. وقد أُدخلت تعديلات شاملة على قانون حق المؤلف، ولا سيما في ما يتعلق بموضوع الحماية والمحتويات والتقييدات والترخيص ونقل الحقوق والمسؤولية القانونية. وقد أخذ قانون حق المؤلف الجديد بأحكام معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف ومعاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي، ولا سيما الأحكام المتعلقة بالنقلٍ الشبكي أو حق النقل عبر شبكات المعلومات، أي تخويل أصحاب الحقوق الحق في "إتاحة مصنفاتهم للجمهور بما يمكّن أفراداً من الجمهور من الاطلاع على تلك المصنفات من مكان وفي وقت يختارهم الواحد منهم بنفسه". وقد اعتمد القانون اصطلاحاً محلياً لذلك الحق هو "حق النقل عبر شبكات المعلومات". وعلاوة على ذلك، اعتمد القانون الجديد جزاءات قانونية معزّزة بأحكام تتعلق بمفهوم "قرينة المخالفة" ومبدأ "صون الأدلة قبل التقاضي" ومفهوم "الأضرار النظامية" بالإضافة إلى "مجموعة العقوبات الإدارية وأنواعها" وما يُصطلح على تسميته "التدابير التكنولوجية والمعلومات الضرورية لإدارة الحقوق".
        واعتمدت اللجنة الدائمة لمؤتمر الشعب الوطني التاسع، في دورتها الرابعة والعشرين أيضاً، قرار تعديل قانون العلامات التجارية لجمهورية الصين الشعبية، بهدف مراجعة النص الراهن للقانون. ويحتوي القانون الجديد الذي دخل حيِّز التنفيذ في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2001 على 64 مادة، ويزيد ذلك بواحدة وعشرين مادة على القانون الأصلي، منها 23 مادة جديدة مضافة و23 مادة معدّلة جزئياً ومادة محذوفة ومادة مضمومة إلى مادة أخرى، لتبقى 17 مادة فقط من دون أي تعديل جذري. وفي 3 أغسطس/آب 2002، عدّل مجلس الدولة النظام التنفيذي لقانون العلامات التجارية لجمهورية الصين الشعبية وأطلق عليه عنوان اللائحة التنفيذية لقانون العلامات التجارية لجمهورية الصين الشعبية. ويحتوي النص الجديد الذي دخل حيِّز التنفيذ في 15 سبتمبر/أيلول 2002 على 59 مادة، أي أكثر بتسع مواد من النص الأصلي، وفيه 22 مادة مضافة و34 مادة معدّلة جزئياً، لتبقى ثلاث مواد فقط من غير أي تعديل جذري. وقد عدّلت إدارة الدولة للصناعة والتجارة مؤخراً قاعدتين إداريتين وفقاً لقانون العلامات التجارية الجديد ولائحته التنفيذية، إحداهما الأحكام المتعلقة بتعريف العلامات شائعة الشهرة وحمايتها والثانية هي إجراءات تسجيل العلامات الجماعية وعلامات التصديق وإدارتها. ووضعت الإدارة أيضاً تدابير تنفيذية لنظام مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات.
ثانياً - المبادئ القانونية وموضوع الإنفاذ الإداري
        تميّز نظام حماية الملكية الفكرية في الصين بما بيّنه الإنفاذ الإداري من موقف جدي وعزم ثابت لدى الحكومة الصينية على حماية حقوق الملكية الفكرية. ففي سنة 1996، أصدرت جمهورية الصين الشعبية قانون العقوبات الإدارية الذي يُسلّح الهيئات الإدارية بأساس قانوني مهم للإنفاذ الإداري في الصين. ويحتوي قانون العقوبات الإدارية على 64 مادة موزعة في ثمانية فصول ومصنفة حسب أنواع العقوبات الإدارية ومَنشئها والهيئات المشرفة عليها والاختصاصات القضائية وتطبيقها والقرارات المرتبطة بها والإجراءات المتعلقة بها وتنفيذها والمسؤوليات القانونية. ومن شأن قانون العقوبات الإدارية أن يضطلع بدور رئيسي في ضمان فاعلية الإنفاذ المنسق على يد الهيئات الإدارية وفقاً للقانون وفي تحسين الإدارة ودعم إقامة حكومة ملتزمة بالأخلاق وسالمة من الفساد وصون المصالح العامة والنظام الاجتماعي وحماية مصالح المواطنين المشروعة والمضي بتنمية الاقتصاد الوطني على الوجه السليم.
1 -    مبادئ العقوبة الإدارية
        ينص قانون العقوبات الإدارية على المبادئ التي يقوم عليها. وأول تلك المبادئ الجمع بين العقوبة والتثقيف، باعتبار أن الغرض المنشود من العقوبات الإدارية ليس إلا تصحيح انتهاكٍ خطرٍ للقانون وتعليم المواطن والشركات والمؤسسات على احترام القانون احتراماً صارماً. والمبدأ الثاني هو احترام القانون. إذ يتعيّن أن يستند تنفيذ العقوبات الإدارية على يد الهيئات الإدارية إلى القانون ويتماشى مع حذافير الإجراءات القانونية. أما المبدأ الثالث، فهو العدالة والانفتاح. إذ لا بد من إثبات الوقائع لتصبح أساساً يمكن الاستناد إليه في توقيع العقوبات الإدارية وإدارتها. ويتعيّن أيضاً الإعلان عن القواعد المتعلقة بالعقوبات الإدارية واطلاع المواطنين والهيئات عليها وينبغي لعامة الجمهور أن يكون قادراً على الاطلاع على طريقة إدارة العقوبات الإدارية.
2 -    توقيع العقوبات الإدارية
        لما كانت العقوبات الإدارية تتعلق بحقوق المواطنين، فلا بد من توقيعها تبعاً لمبادئ نظامية. وتجدر الإشارة في المقام الأول إلى أن العقوبات الإدارية لا يجوز أن تنصب إلا على سلوك المواطنين والشركات والهيئات الذي يعاقبه القانون صراحة بذلك النوع من العقوبات. وفي المقام الثاني، تتولى هيئات الدولة المعيّنة، ضمن اختصاصها، توقيع العقوبات الإدارية وفقاً للقانون واللوائح الإدارية. ويتعيّن في المقام الثالث أن تتولى الهيئات الإدارية تنفيذ العقوبات الإدارية على نحو يراعي القانون تماماً. ويمكن تصنيف العقوبات الإدارية في ثلاثة أنواع وفقاً لطبيعتها: "1" العقوبات المؤدية إلى نتيجة محدّدة، مثل إلغاء تصريح الترخيص والأمر بوقف الإنتاج والعمل، "2" العقوبات المتعلقة بالملكية، كالتغريم ومصادرة الممتلكات غير المشروعة، "3" والعقوبات التحذيرية، مثل التنبيه. ومن نافلة القول بأن لتلك العقوبات الإدارية آثاراً متفاوتة في حقوق الأطراف المعنية ومصالحها.
3 -    الإجراءات المتعلقة بالعقوبات الإدارية
        تكتسي الإجراءات المتعلقة بالعقوبات الإدارية أهمية كبيرة لضمان سلامة تنفيذ تلك العقوبات. وقد نص قانون العقوبات الإدارية على تلك الإجراءات آخذاً في الاعتبار واقع ظروف الصين والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها العقوبات الإدارية.
(1)   إجراءات بسيطة وإجراءات عامة. في الحالات التي يمكن فيها إثبات الوقائع بأدلة دامغة ويقوم فيها أساس قانوني يمكن الاعتماد عليه وتكون العقوبة فيها بدرجة متدنية، تُتبع الإجراءات البسيطة ويَتخذ مأمورو الإنفاذ القرار فوراً. وفي سائر حالات انتهاك القانون، تُتبع الإجراءات العامة التي تؤدي إلى توقيع العقوبة بعد تحقيق دقيق وجمع الأدلة فقط.
(2)   نظام الدفاع وسماع الأقوال. يقتضي النظام قبل اتخاذ قرار بتوقيع عقوبة إدارية أن تُخطر الهيئات الإدارية الأطراف المعنية بالانتهاك والأسباب التي قد تؤدي إلى توقيع عقوبات إدارية وبحقوق تلك الأطراف المنصوص عليها في القانون. ويكون للأطراف المعنية حق الدفاع والمطالبة بجلسة مفتوحة لسماع الأقوال.
(3)   الفصل بين الموظفين المكلّفين بمعالجة القضايا وأولئك المسؤولين عن اتخاذ القرارات بشأن العقوبات. تسمح تلك الممارسة بتوضيح الحدود وتعزيز المراقبة، مما يُحَسِّن جودة العقوبات الإدارية. وينص قانون العقوبات الإدارية على أن يتولى مأمورو الإنفاذ إثبات الوقائع ورفع رأيهم إلى المسؤول في القسم الإداري الذي يَبت في القضايا التي توقع عليها العقوبات المتدنية، على أن تجري مناقشة جماعية للبت في توقيع عقوبة إدارية رئيسية في القضايا المعقدة أو في حال انتهاك فادح للقانون. ويُسَجل قرار مأمور الإنفاذ الفوري في ملفات الهيئات الإدارية التي يعمل فيها.
(4)   الفصل بين الهيئات الإدارية التي تتخذ قرارات التغريم وتلك التي تحصِّل الغرامات. لا يجوز للهيئات الإدارية التي تتخذ القرارات بشأن التغريم أن تحصِّل الغرامات بنفسها. ويجوز للأطراف المعنية أن تدفع الغرامات عن طريق مصارف معينة لذلك الغرض.
(5)   نظام رقابة معزّزة. تقع على عاتق الحكومات الشعبية على مستوى المقاطعة فما فوق مسؤولية مراقبة العقوبات الإدارية. وتستعرض الهيئات الإدارية الشكاوى أو التقارير المتعلقة بالعقوبات الإدارية. ويتعيّن تصحيح العقوبات إذا ما تبيّن أنها كانت مشوبة بخطأ.
4 -    الهيئات المسؤولة عن تنفيذ العقوبات الإدارية
        تندرج العقوبات الإدارية ضمن الصلاحيات المهمة المناطة بإدارة الدولة وتتولى تنفيذها هيئات الدولة الإدارية. ويدل ذلك على السمة الرئيسية التي تميّز العقوبات الإدارية عن العقوبات الجنائية. ووفقاً لقانون العقوبات الإدارية، تتولى إدارةَ تلك العقوبات الهيئات الإدارية المخوّلة لذلك في حدود اختصاصها النظامي. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الهيئات الإدارية لا تملك جميعها تلك الصلاحية في ما يتعلق بالعقوبات الإدارية. وعلاوة على ذلك، فإن السلطات الإدارية التي تملك تلك السلطة تقتصر إدارتها للعقوبات الإدارية على ما يندرج منها في اختصاصها بشأن انتهاك النظام الإداري. وضف إلى ذلك أن أنواع العقوبات الإدارية التي تنفذها كل هيئة إدارية محدّدة في القوانين واللوائح المعنية. وعلى سبيل المثال، فإن إدارات الحكومات المركزية والمحلية المسؤولة عن البراءات والعلامات التجارية وحق المؤلف والجمارك مخوّلة لتنفيذ العقوبات الإدارية في حدود اختصاصها.
5 -    حقوق الأطراف المعنية
        ينص قانون العقوبات الإدارية على حقوق الأطراف المعنية التي تشمل أساساً ما يلي: "1" الحق في تقديم البيانات والدفاع، بما في ذلك الحق في الإدلاء بالأقوال، "2" والحق في المطالبة بمراجعة إدارية أو الشروع في إجراءات إدارية، "3" والحق في التماس تعويض إداري. ويحق للمواطنين والشركات وسائر المنظمات الحصول على تعويض عن الأضرار المتكبدة من جراء عقوبات إدارية نفذتها الهيئات الإدارية ضدّ القانون.
6 -    المسؤوليات القانونية في إدارة العقوبات الإدارية
        تنص المواد من 55 إلى 62 على مسؤولية قانونية صارمة بشأن التعسف في استخدام الصلاحيات المنوطة بالهيئات الإدارية ومأموري الإنفاذ في مجال العقوبات الإدارية، مما يضمن التزام الهيئات الإدارية بحذافير أحكام قانون العقوبات الإدارية ويمنعهم من إساءة استخدام سلطاتهم ويحمي الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والشركات وسائر الهيئات من التعدي. وفي حال إساءة استخدام الصلاحيات الإدارية بما يخالف القانون، فإن الأشخاص أو الموظفين الآخرين الذين تثبت عليهم تلك التهمة يتعرضون لعقوبات إدارية أو جنائية حسب القانون وخطورة الوقائع.
ثالثاً - نظام الإنفاذ لحماية الملكية الفكرية في الصين
1 -    المنهج القضائي لحماية الملكية الفكرية في الصين
        بإمكان أي مواطن أو شركة أو هيئة أخرى، مِمَّنْ يملك حقوقاً في الملكية الفكرية في الصين، أن يقيم دعوى قانونية أمام المحاكم الشعبية في حال تعرضت حقوقه للانتهاك وبإمكانه الاستفادة من حماية قضائية فعالة وفعلية.
        ويندرج الإنفاذ الصارم والجدي في صميم المساعي القضائية في الصين. وتدير المحاكم الشعبية المحاكمات وتصدر الأحكام بالاستناد إلى الوقائع ووفقاً للقانون. وتعالج القضايا بصرامة شديدة وفقاً للقوانين الموضوعية والإجرائية في المحاكم الشعبية التي تعتمد نظام النقاش الجماعي والطعن والمحاكمة العلنية والاستئناف باعتباره المحطة النهائية ومراقبة المحاكمة. ويتولى مراقبة محاكمات المحاكم الشعبية وما تصدره من أحكام كلٌّ من مؤتمر الشعب بجميع مستوياته والنيابات العامة وعامة الجمهور، وفقاً للقانون، مما يضمن علانيتها وعدالتها وجديتها.
        ويعتبر تحسين النظام القانوني بإقامة مؤسسات قضائية سليمة تنظر قضايا الملكية الفكرية ضماناً مهماً يسمح للمحاكم الشعبية بمعالجة قضايا الملكية الفكرية على الوجه السليم وحماية الملكية الفكرية بفعالية وفقاً للقانون. ونظراً لما تتميز به قضايا الملكية الفكرية من طبيعة تقنيّة وتخصصية، فقد أقيمت محاكم للملكية الفكرية منذ سنة 1982 على مستوى المحاكم الشعبية العليا في عدد من المقاطعات والولايات، مثل ولاية بيجين وشنهغاي وتيانجين ومقاطعة جيانغسو وغواندونغ وفوجيان وهينان، تلبية للمطالب الفعلية. وأقيمت محاكم للملكية الفكرية أيضاً على مستوى المحاكم الشعبية المتوسطة في مناطق اقتصادية خاصة مثل بيجين وشنهغاي. وفي غير ذلك من المقاطعات والأقاليم والولايات التي تتمتع بالحكم الذاتي، أُنشئت دوائر جماعية متخصصة لنظر قضايا الملكية الفكرية في المحاكم الشعبية المتوسطة للمدن التي تقع فيها الحكومات الشعبية. ومن المعتقد أن معالجة قضايا الملكية الفكرية بطريقة مركزية من شأنه أن يضمن تنسيق جهود الإنفاذ وجمع الخبرات المكتسبة وتحسين الممارسات القضائية في مجال الملكية الفكرية.
2 -    المنهج الإداري لحماية الملكية الفكرية في الصين
        إلى جانب المنهج القضائي المعتمد وفقاً للممارسات الدولية، يأخذ نظام حماية الملكية الفكرية في الصين بمنهج إداري يقوم على الظروف والوقائع الوطنية وتنص عليه قوانين الملكية الفكرية الصينية، مثل قانون البراءات وقانون العلامات التجارية وقانون حق المؤلف.
        ويجيز قانون البراءات للإدارات المختصة في مجلس الدولة أو الحكومات المحلية إنشاء هيئات إدارية للبراءات. وقد أنشأت الحكومات المحلية في الصين ما يزيد على 50 هيئة إدارية، وأنشأت مختلف إدارات مجلس الدولة ما يزيد على 20 هيئة من ذلك القبيل. وأقدمت بعض الحكومات المحلية للمقاطعات والولايات على إنشاء هيئات إدارية لحق المؤلف، عملاً بقانون حق المؤلف. وتستند إدارة العلامات التجارية لمبدأ التسجيل الموحَّد على المستوى المركزي والإدارة غير المركزية المنتشرة في مختلف المناطق. وقد أُنشئت مكاتب لإدارة العلامات التجارية ضمن إدارة الصناعة والتجارة على جميع المستويات، انطلاقاً من المستوى المركزي إلى مستوى المقاطعة والولاية والإقليم والبلدية. ودون هذا المستوى الأخير، تتولى إدارةَ شؤون العلامات التجارية دوائر إدارية مسؤولة عن الشؤون الصناعية والتجارية.
رابعاً - أوضاع إنفاذ الملكية الفكرية في سنة 2003
        نفّذت الهيئات المسؤولة عن إدارة الملكية الفكرية على جميع مستويات الحكومة خطة منسقة لمجلس الدولة ترمي إلى تصحيح الوضع الاقتصادي في السوق وتنسيقه بمكافحة التعديات والقرصنة التي تلحق الضرر بالمصلحة العامة، وإلى تعزيز المراقبة وتحسين الخدمات، على مدى سنة 2003. وقد أُحرز تقدم ملموس في تشجيع الابتكار والنهوض بالتنمية الصناعية وتنسيق أوضاع السوق والمضي قدماً في جهود الإصلاح والانفتاح.
        وفي سنة 2003، استلمت الهيئات الإدارية لحق المؤلف على جميع المستويات في الصين ما مجموعه 013 23 قضية، ويزيد ذلك بنحو 2.6 على الرقم المسجل في السنة الماضية. وقد أمكن تسوية ما مجموعه 429 22 قضية، أي 97.46 بالمائة من مجموع القضايا التي انتهى 032 21 قضية منها بعقوبات إدارية وأمكن تسوية 173 1 عن طريق الوساطة. وصادرت الحكومة ما مجموعه 67.97 مليون من المنتجات المخالفة لقوانين الملكية الفكرية.
        وفي سنة 2003، نظمت إدارة حق المؤلف الوطنية ثلاث حملات لمكافحة التعديات والقرصنة على مستوى الدولة. واحتفلت الإدارات الحكومية المعنية باليوم العالمي للملكية الفكرية في 26 أبريل/نيسان، فأشرفت على شن حملات وطنية ركزت على جرائم التعدي والقرصنة عامة ما بين مارس/آذار وأبريل/نيسان. وفي أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، اشترك كلٌّ من إدارة حق المؤلف الوطنية ووزارة التربية والمكتب الوطني للقضاء على أفلام الفحشاء والقرصنة في شن حملة وطنية لمكافحة جرائم القرصنة المتعلقة بالكتب المدرسية وأي مواد أخرى للقراءة. وما بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني، قامت إدارة حق المؤلف الوطنية بحملة وطنية أخرى لمكافحة قرصنة برامج الحاسوب. وأثناء الحملات المذكورة أعلاه، حشدت وكالات إنفاذ حق المؤلف في البلد ما مجموعه 000 150 مأموراً للإنفاذ وقامت بحملات تفتيش في 000 20 منطقة تجارية، شملت 000 67 محل تجاري وأكثر من 500 شركة و000 8 مدرسة، فصادرت نحو 12.9 مليون من المنتجات المخالفة للقانون على اختلاف أنواعها ووقّعت عقوبات إدارية على 542 2 مؤسسة مخالفة وأغلقت أبواب 981 1 متجراً غير قانوني.
        وفي السنة ذاتها، استمرت الهيئات الإدارية المعنية بالصناعة والتجارة على جميع المستويات في البلد في تعزيز جهودها الرامية إلى إنفاذ الحقوق المتعلقة بالعلامات التجارية على المستوى الإداري بإجراءات التحقيق وملاحقة جرائم التعدي والتزوير بما يضمن فعالية الحماية لحقوق أصحاب العلامات التجارية والمستهلكين ومصالحهم المشروعة. وتفيد الإحصاءات بأن مختلف الهيئات الإدارية المعنية بالصناعة والتجارة قد اتخذت إجراءات التحقيق والملاحقة في حق مرتكبي التعديات على العلامات التجارية في 489 37 حالة خلال تلك السنة، وكانت 001 11 تتعلق بتعديات عامة و488 26 تخص قضايا تزوير العلامات التجارية. وقد تمت مصادرة 84.755 مليون منتج يحمل علامات تجارية غير قانونية بالإضافة إلى 597 15 قالباً ولوحة للطباعة وأدوات أخرى وتم إتلافها أيضاً. وبلغ وزن المواد المتلفة 754.92 5 طناً وبلغت الغَرَامات 242 مليون يوان، وأُحيلت 45 قضية إلى القضاء بتهم جنائية.
        وفي سنة 2003 أيضاً، استلمت مختلف مكاتب الملكية الفكرية في البلد 517 1 قضية تتعلق بمنازعات في مجال البراءات، وتمت تسوية 237 1 قضية. وقد أُحيل ما مجموعه 873 1 قضية بشأن التعدي على البراءات و164 قضية بشأن تملك براءات الغير للتحقيق والملاحقة.
        وقد استمر تعزيز القوى العاملة في مجال إنفاذ قانون الملكية الفكرية والحماية القضائية وزادت مختلف المحاكم الشعبية جهودها من أجل توفير الحماية القضائية للملكية الفكرية. ويتضح من إحصائيات سنة 2002 أن المحاكم الابتدائية قد استلمت 201 6 من القضايا المتعلقة بالملكية الفكرية، وينمّ ذلك عن زيادة بنسبة 17.8 بالمائة مقارنة بسنة 2001. وكانت 824 1 قضية تتعلق بحق المؤلف، وينم ذلك عن زيادة بنسبة 54.35 بالمائة. وانصب ما مجموعه 080 2 قضية منها في مجال البراءات، ويدل ذلك على زيادة بنسبة 24 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة وكان 707 من القضايا يتعلق بالعلامات التجارية، وينم ذلك عن زيادة بنسبة 46.68 بالمائة. وقد نظرت مختلف المحاكم الشعبية خلال السنة ذاتها ما مجموعه 409 من القضايا الجنائية المتعلقة بالملكية الفكرية، وينمّ ذلك عن زيادة بنسبة 26.65 بالمائة مقارنة بسنة 2001، علماً بأن 235 شخصاً قد حُكِمَ عليه بالحبس. وبالإضافة إلى القضايا المذكورة أعلاه بشأن الفئات الرئيسية الثلاث لحقوق الملكية الفكرية، نظرت المحاكم الشعبية بمختلف مستوياتها أيضاً في 771 قضية صنع منتجات مزورة وتوزيعها وأعمال التجارة غير القانونية، وينم ذلك عن زيادة نسبتها 35.1 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة، علماً بأن 018 1 شخصاً قد حُكِمَ عليه بالحبس. وقد كان جزء كبير من تلك القضايا يتعلق بجانب أو بآخر من الملكية الفكرية أيضاً.
        وقد أثبتت تلك الجهود عزيمة حكومة الصين على الوفاء بحزم بالتزاماتها الدولية والعمل بالقواعد الدولية وحماية الملكية الفكرية في الداخل والخارج، كما أثبتت ريادتها الواضحة في هذا الشأن. وقد بيّنت تلك الجهود أيضاً أن مختلف الجهات القضائية وأجهزة الأمن العام والهيئات الإدارية المعنية بالملكية الفكرية في الحكومات على كل المستويات قد سعت تدريجياً إلى زيادة جهودها وتكوين كفاءاتها وتحسين فاعليتها وفعاليتها في إنفاذ قانون الملكية الفكرية. وقد حرصت الحكومة على اتخاذ خطى ملموسة نحو حماية الحقوق والمصالح المشروعة لأصحاب حقوق الملكية الفكرية والمصالح الحيوية لعامة الجمهور.
خامساً - مشكلات في الإنفاذ الإداري لحقوق الملكية الفكرية
1 -  يتسم النظام القانوني للإنفاذ الإداري في الصين بطابع خاص يتأتى من تاريخها ويراعي ظروفها الراهنة. ويضطلع النظام في الوقت الراهن بدور إيجابي في توعية الجمهور بشأن الملكية الفكرية وصون الحقوق والمصالح المشروعة لأصحاب الحقوق وحماية حقوق الملكية الفكرية. ولما كان لكل بلد واقعه الخاص به، فإن ما قد يصلح في بلد ربما لا يصلح في بلدان أخرى. ولذلك، ينبغي لكل بلد أن يختار بين اعتماد نموذج للإنفاذ الإداري أو عدم اعتماده وفقاً لظروفه الخاصة.
2 -  ويتطلب نظام الإنفاذ الإداري إنشاء مؤسسات لإدارته وحشد عدد غفير من مأموري الإنفاذ. ولا بد أن يكون مأمورو الإنفاذ من الموظفين الحكوميين بطبيعة الحال، مما يُحمّل الدولة قدراً هائلاً من النفقات. وتبرز تلك المشكلة في البلدان النامية بصفة خاصة, مثل الصين التي تعاني من كثافة السكان واختلال التوازن في التنمية الاقتصادية بين مختلف مناطقها.
3 -  وكما يعرف الجميع، فإن الملكية الفكرية تندرج ضمن الحقوق الخاصة أو حقوق الملكية. وفي مجتمع المعلومات القائم اليوم بتقنياته الجديدة المتطورة جداً، لا بد من إمعان النظر على الصعيد النظري والعملي في السُبل الكفيلة بالتوفيق بين مصالح الجمهور ومصالح أصحاب حقوق الملكية الفكرية. ويتمحور الإنفاذ الإداري في الصين عامة حول ما يمكن اعتباره انتهاكاً للمصلحة العامة أو لا يمكن اعتباره كذلك. على أن من الضروري مواصلة البحث وإمعان النظر في ذلك الموضوع.
4 -  ولا بد من تزويد مأموري الإنفاذ الإداري بما يَلزم من دراية قانونية ومهنية. وقد بذلت حكومة الصين جهوداً حثيثة في تدريب مأموري الإنفاذ لديها. ونود أن نعبر عن امتناننا الشديد للمنظمة العالمية للملكية الفكرية والاتحاد الأوروبي والعديد من البلدان التي قدمت دعمها ومساعدتها السخية في تدريب المسؤولين عن الإنفاذ الإداري في الصين.
ملاحظات ختامية
        تشهد الصين تغييراً يوماً بعد يوم بفضل سياسة الإصلاح والانفتاح. وقد أنجزت حتى هذا التاريخ إنجازات كبيرة في تطوير النظام القانوني لحماية الملكية الفكرية في الصين وتعزيزه، مما ساهم في تحسين وضع حماية الملكية الفكرية في البلاد إلى حدٍّ كبير. وهذا أمر واضح لا يختلف عليه اثنان، وقد حظي بثناء من أغلبية البلدان والمنظمات العالمية. ويعتقد البعض في المجتمع الدولي أن الصين تعتبر من بلدان العالم المتقدمة في مجال الملكية الفكرية. وقد انتهى العهد الذي كانت الصين فيه متأخرة عن تطوير نظام الملكية الفكرية.
        ومع ذلك، فلا بد من الاستمرار في العمل من أجل تحسين نظام الملكية الفكرية ورفع مستوى الحماية والنهوض بالتعاون الدولي في مجال حماية الملكية الفكرية. وسوف تشترك الصين، كسابق عهدها، بهمّة في أنشطة المنظمات الدولية المعنية وستوفي بالتزاماتها المترتبة على مختلف المعاهدات والاتفاقات الدولية المبرمة في مجال الملكية الفكرية. ونحن على استعداد لمواصلة تعاوننا مع جميع بلدان العالم بالاستناد إلى خمسة مبادئ تقوم على التعايش السلمي ووفقاً لمبدأ المساواة والمنفعة المتبادلة وبذل جهود متضافرة وتقديم مساهمات إيجابية من أجل تحسين نظام الملكية الفكرية الدولي وتطويره.
[نهاية الوثيقة]


(*)       الآراء المعبر عنها في هذه الدراسة تخص مؤلفها وليست بالضرورة آراء الأمانة أو الدول الأعضاء في الويبو.